الخصوبة، الحمل، والولادة عند مرضى كرون والتهاب القولون التقرحي
قد يساور بعض مرضى كرون أو التهاب القولون التقرحي القلق حيال إمكانية الإنجاب، أو التأثيرات المحتملة للمرض على الحمل، الولادة، والرضاعة. هذا القلق مفهوم ومشروع، لكن من المهم أن نؤكد: مع المتابعة الطبية الدقيقة والتخطيط السليم، فإن معظم المصابين يمكنهم أن يحققوا حلم الإنجاب بأمان ونجاح. تهدف هذه المقالة إلى أن تكون دليلاً علميًا مبسطًا، شاملًا، وموثوقًا، يُخاطب مرضى الأمعاء الالتهابية وأسرهم، بلغة فصيحة تحترم ثقافتنا وتُطمئن مشاعر القارئ، دون تهوين أو تهويل.
1. هل تؤثر أمراض الأمعاء الالتهابية على الخصوبة؟
أولاً: النساء
- عندما يكون المرض في حالة استقرار (هدوء)، تكون الخصوبة طبيعية أو شبه طبيعية لدى معظم النساء.
- أثناء نوبات النشاط (الانتكاسات)، قد تقلّ الخصوبة مؤقتًا بسبب الالتهاب، فقر الدم، وسوء التغذية.
- الجراحات في منطقة الحوض، خاصة بعد إزالة القولون وإنشاء كيس داخلي (J-pouch)، قد تؤدي إلى التصاقات تُعيق حركة البويضات.
- اضطرابات الدورة الشهرية قد تحدث بسبب التوتر، فقدان الوزن، أو بعض الأدوية.
ثانيًا: الرجال
- الرجال المصابون عادة لا يعانون من مشاكل خصوبة دائمة.
- بعض الأدوية مثل السلفاسالازين قد تؤثر مؤقتًا على عدد أو حركة الحيوانات المنوية، لكن التأثير عكسي ويزول بعد تغيير العلاج.
- جراحات المستقيم أو الحوض قد تؤثر على الأعصاب المسؤولة عن القذف أو الانتصاب.
2. هل يمكن التخطيط للحمل؟
نعم، بل يُنصح به. ويُفضّل دائمًا أن يتم الحمل في فترة:
- هدوء تام للمرض لمدة 3 إلى 6 أشهر على الأقل.
- استقرار نفسي وعائلي، مع توفر دعم طبي جيد.
لماذا مهم التخطيط؟
- الحمل أثناء نشاط المرض يزيد من مخاطر الإجهاض، الولادة المبكرة، أو ضعف نمو الجنين.
- بعض الأدوية يجب تغييرها قبل الحمل بفترة.
خطوات التخطيط:
- مراجعة الطبيب المختص (جهاز هضمي + نساء وولادة).
- إجراء تحاليل شاملة (دم، فيتامينات، وظائف كبد وكلى).
- تقييم العلاج الحالي وتعديله إن لزم.
- مناقشة خطة المتابعة خلال الحمل.
3. الأدوية أثناء الحمل: ما المسموح وما الممنوع؟
آمنة نسبيًا:
- 5-أمينوساليسيلات (ميسالازين)
- الكورتيكوستيرويدات (البريدنيزولون)
- الآزاثيوبرين / ميركابتوبورين
- العلاجات البيولوجية (مثل إنفليكسيماب/أداليموماب) – يُفضل الاستمرار بها إذا كان المرض نشطًا
غير آمنة:
- الميثوتريكسات – يسبب تشوهات خلقية شديدة، ويجب إيقافه قبل 3–6 أشهر من الحمل.
- توفاسيتينيب (Tofacitinib) – لا توجد بيانات كافية عن سلامته.
ملاحظة: يجب دائمًا اتخاذ القرار تحت إشراف الطبيب، بناءً على تقييم المخاطر والمنافع.
4. الحمل مع وجود فغر (فتحة إخراج صناعية)
- ممكن تمامًا.
- ينصح بالتخطيط مع طبيب الجراحة لتقييم وضع الفغر أثناء نمو البطن.
- بعض النساء يحتجن لتعديلات في أدوات العناية بالفغر خلال الحمل.
5. الولادة: طبيعية أم قيصرية؟
- لا يُمنع مرض كرون أو القولون التقرحي من الولادة الطبيعية.
- في حال وجود ناسور شرجي نشط، أو جراحة حديثة في المستقيم، قد يُنصح بالولادة القيصرية.
- في حال الفغر، يُقرر الطبيب وفقًا للحالة التشريحية.
6. الرضاعة الطبيعية: هل هي آمنة؟
- نعم، في معظم الحالات.
- معظم الأدوية المسموحة في الحمل يُسمح بها أيضًا أثناء الرضاعة.
- لا يُسمح بالرضاعة عند استخدام الميثوتريكسات أو بعض العلاجات الحديثة.
فوائد الرضاعة:
- تقوي مناعة الطفل.
- تساعد الأم على التعافي النفسي والجسدي.
- قد تقلل من نشاط المرض لدى الأم حسب بعض الدراسات.
7. التحديات النفسية والجسدية بعد الولادة
- احتمال عودة النشاط المرضي يرتفع خلال أول 3–6 أشهر بعد الولادة، لذا يجب المتابعة الطبية اللصيقة.
- يُستحسن توفير دعم نفسي، خصوصًا عند وجود فغر أو آثار جراحية.
- تقسيم المهام بين الزوجين ودعم العائلة يُخفف من الضغط.
8. أسئلة شائعة
السؤال | الإجابة |
---|---|
هل يؤثر المرض على الجنين؟ | لا، المرض لا ينتقل، ولا يسبب تشوهات خلقية. |
هل يمكنني تناول أدويتي أثناء الحمل؟ | حسب نوع الدواء، كثير منها آمن. استشر طبيبك دائمًا. |
هل يحق لي التفكير في الإنجاب؟ | بالتأكيد، المرض لا يمنع ذلك طالما كان تحت السيطرة. |
هل يمكن الرضاعة مع الفغر؟ | نعم، بشرط الراحة النفسية والعناية المستمرة. |
9. خلاصة داعمة
الخصوبة، الحمل، والولادة ليست مستحيلة مع مرض كرون أو التهاب القولون التقرحي. بل يمكن تحقيقها بأمان وثقة، عند التزام الرعاية المناسبة، والدعم النفسي والعائلي.
تذكّر/ي: “رحلة الإنجاب لا تبدأ بالحمل… بل تبدأ بالثقة، والتخطيط، والتعاون مع الطبيب.”