تشخيص التهاب الأمعاء غير المُصنَّف

التشخيص هو لحظة فارقة: بين الحيرة والوضوح، وبين التساؤل ووضع خطة العلاج. لكن في بعض الحالات، لا تُعطينا الفحوص نتيجة حاسمة. نرى دلائل على مرض التهابي في الأمعاء، لكن لا تنطبق كليًا على مرض كرون أو التهاب القولون التقرحي. هنا يظهر مصطلح: “التهاب الأمعاء غير المُصنَّف” (IBD-Unclassified). في هذا الدليل، سنشرح كيف يتم الوصول إلى هذا التشخيص، وما الخطوات التي يتبعها الطبيب، ولماذا أحيانًا يبقى التشخيص “مفتوحًا” لبعض الوقت

أولًا: متى يُفكر الطبيب بتشخيص IBD-U؟

إذا ظهرت الأعراض التالية:

  • إسهال مزمن، مع أو بدون دم.
  • آلام في البطن مستمرة أو متكررة.
  • فقدان وزن أو إرهاق غير مفسَّر.
  • نتائج الفحوص والمنظار تُشير إلى وجود التهاب مزمن في الأمعاء، لكن:
    • لا تتوافق تمامًا مع مرض كرون،
    • ولا تنطبق كليًا على التهاب القولون التقرحي.

في هذه الحالة، وبعد استبعاد كل الأسباب الأخرى، يُطلق الطبيب على الحالة مؤقتًا اسم:
“التهاب أمعاء غير مُصنَّف”.

ثانيًا: خطوات التشخيص التفصيلية

1. التاريخ الطبي والفحص السريري

  • سؤال المريض عن الأعراض ومدة استمرارها.
  • مراجعة التاريخ العائلي للأمراض المناعية.
  • فحص البطن، الجلد، الفم، المفاصل.

2. تحاليل الدم تساعد على تقييم:

  • وجود فقر دم أو نقص حديد.
  • مؤشرات الالتهاب مثل CRP وESR.
  • وظائف الكبد والكلى.

3. تحليل البراز يُستخدم لاستبعاد:

  • العدوى (البكتيرية أو الطفيلية).
  • قياس كالبرُوتِكتين البرازي، وهو مؤشر قوي على وجود التهاب نشط في الأمعاء.

4. منظار القولون (Colonoscopy) مع أخذ خزعات

  • يفحص الطبيب جدار القولون والمستقيم بالكاميرا.
  • يأخذ عينات صغيرة (خزعات) لتحليلها تحت المجهر.

📌 في حالات IBD-U، قد تكون النتائج غير واضحة:

  • لا توجد تقرّحات مميزة لكرون.
  • ولا امتداد نمطي للالتهاب كما في القولون التقرحي.

5. التنظير العلوي أو تصوير الأمعاء الدقيقة (إذا لزم الأمر)

  • للبحث عن أي إصابة في الأمعاء الدقيقة، والتي قد تشير إلى مرض كرون.
  • يُستخدم تصوير بالرنين المغناطيسي (MR Enterography) أو كبسولة الكاميرا.

ثالثًا: لماذا لا يُصنّف المرض فورًا؟

لأن أمراض الأمعاء الالتهابية قد تبدأ بصورة غير مكتملة، وتحتاج إلى وقت لتتضح و قد يرى الطبيب في المنظار:

  • التهابًا سطحيًا غير محدد.
  • تغييرات خلوية غير نمطية.
  • علامات “مزيج” بين كرون والتقرحي.

وفي هذه الحالة، يكون من الأكثر أمانًا ودقّة أن يُطلق على الحالة اسم “غير مُصنَّفة” حتى تتضح الصورة.

هل هذا التشخيص نهائي؟

ليس بالضرورة في حوالي نصف الحالات، يتطور التشخيص لاحقًا إلى مرض كرون أو التهاب القولون التقرحي وذلك بعد أشهر أو سنوات، عندما تظهر سمات أكثر وضوحًا لكن في حالات أخرى، يبقى التشخيص IBD-U بشكل دائم، وهذا لا يُقلّل من أهمية العلاج أو فعاليته.

هل يؤثر ذلك على خطة العلاج؟

ليس كثيرًا لأن العلاج يُبنى على:

  • شدة الأعراض.
  • نطاق الالتهاب.
  • الاستجابة للعلاج.
  • وحتى في حال بقاء التصنيف غير واضح، يمكن للطبيب وضع خطة فعالة تُحسّن حياة المريض وتُخفف الأعراض.

كلمة طمأنينة في الختام

أن تكون في “المنطقة الرمادية” من التشخيص لا يعني أنك ضائع. بل يعني أن جسمك يُرسل إشاراته بأسلوبه الخاص، والطبيب يتعامل معها بأمانة ومرونة. لا تقلق من عدم وضوح الاسم… المهم أن الأعراض مفهومة، والعلاج متاح، والمتابعة مستمرة. ومع الوقت، قد تتضح الصورة أكثر. لكن حتى إن لم تتضح، يمكنك أن تعيش حياة متوازنة ومستقرة تمامًا.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *