تشخيص مرض كرون
عندما تبدأ الأعراض وتستمر، يبدأ القلق والتساؤل: “هل هو قولون عصبي؟ حساسية طعام؟ أم شيء آخر؟” وهنا تأتي مرحلة التشخيص، وهي المفتاح الأول لفهم ما يجري داخل الجسم، ووضع خطة علاجية فعّالة. في هذا الدليل، سنشرح لك كيف يتم تشخيص مرض كرون، بطريقة مبسطة وواضحة. لا داعي للخوف من الفحوصات، فكل خطوة تهدف إلى معرفة الحقيقة وتقديم أفضل رعاية ممكنة.
لماذا قد يتأخر تشخيص مرض كرون أحيانًا؟
لأن أعراضه تتشابه مع أمراض أخرى، مثل:
- متلازمة القولون العصبي.
- التهاب القولون التقرّحي (وهو مرض مشابه ضمن أمراض الأمعاء الالتهابية).
- عدوى في الأمعاء.
لذلك يحتاج الأطباء إلى جمع عدة أدلة عبر الفحوص والتحاليل للوصول إلى تشخيص دقيق.
أول خطوة: التاريخ الطبي والفحص السريري
يبدأ الطبيب دائمًا بـ:
- سؤال المريض عن الأعراض: متى بدأت؟ ما شدتها؟ هل هناك دم في البراز؟ هل هناك فقدان وزن؟
- السوابق العائلية: هل لدى أحد من الأقارب أمراض مشابهة؟
- الفحص الجسدي: فحص البطن، المفاصل، الجلد، وربما الفم.
🔍 هذه الخطوة توجّه الطبيب لاختيار الفحوص المناسبة، لكنها لا تكفي وحدها لتأكيد التشخيص.
ثانيًا: التحاليل المخبرية
1. تحليل الدم
يُظهر مؤشرات مهمة مثل:
- فقر الدم (الأنيميا) بسبب فقدان الدم أو سوء الامتصاص.
- ارتفاع مؤشرات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي C (CRP) أو سرعة ترسيب الدم (ESR).
- نقص الفيتامينات كفيتامين B12 أو الحديد.
2. تحليل البراز
يستخدم لاستبعاد العدوى، وأحيانًا لقياس مؤشرات الالتهاب في الأمعاء مثل كالبرُوتِكتين البرازي (Fecal Calprotectin).
ثالثًا: الفحوص التصويرية
3. تنظير القولون (Colonoscopy)
وهو من أهم الفحوص. يُستخدم لفحص الأمعاء الغليظة (القولون) وبداية الأمعاء الدقيقة.
- يتم إدخال أنبوب رفيع مزود بكاميرا.
- يمكن أخذ عينات صغيرة (خزعات) من جدار الأمعاء لتحليلها تحت المجهر.
💬 لا تخف من التنظير! يتم تحت تخدير خفيف، والفريق الطبي معتاد على راحة المريض أثناء الفحص.
4. تنظير بالأشعة أو التصوير المقطعي (CT/MRI)
خاصة لفحص الأمعاء الدقيقة التي يصعب الوصول إليها بالمنظار.
- تصوير بالرنين المغناطيسي (MR Enterography) شائع الاستخدام لأنه لا يحتوي على إشعاع.
- يُظهر التقرحات، التضيق، الالتهاب، أو الخراجات داخل الأمعاء.
رابعًا: الكبسولة المنظارية
في بعض الحالات، يُطلب من المريض بلع كاميرا صغيرة على شكل كبسولة تمر عبر الجهاز الهضمي وتلتقط صورًا.
تُستخدم لفحص الأمعاء الدقيقة إذا لم تكن الصور واضحة بالفحوص الأخرى.
ماذا يبحث الطبيب في كل هذه الفحوص؟
- وجود التهاب مزمن في جدار الأمعاء.
- تقرحات غير منتظمة أو عميقة.
- تغيرات نسيجية تدل على كرون، مثل التهاب يمتد عبر طبقات الأمعاء.
- استبعاد أمراض أخرى لها أعراض مشابهة.
هل هناك اختبار واحد يؤكد المرض؟
لا. لا يوجد فحص واحد يكفي لتشخيص مرض كرون.
بل يعتمد التشخيص على مجموعة من الأدلة: الأعراض + التحاليل + المنظار + الخزعات + التصوير.
التشخيص الدقيق يتطلب الصبر والتعاون بين المريض والفريق الطبي.
هل تشخيص مرض كرون مخيف؟
مفهوم أن تخاف من فكرة “المنظار” أو نتائج التحاليل، لكن الحقيقة أن التشخيص ليس نهاية، بل بداية فهم الحالة.
كل فحص يُقرّبك خطوة نحو العلاج المناسب، وتحقيق راحة أكبر وجودة حياة أفضل.
كما أن التأخر في التشخيص قد يؤدي إلى مضاعفات يمكن تفاديها ببساطة عند الكشف المبكر.
كلمة دعم في الختام
إذا كنت في مرحلة الفحوصات، أو ترافق أحدهم في هذه المرحلة، تذكّر: المعرفة قوّة، والفحص طمأنينة. الأطباء لا يبحثون عن المرض ليخيفوك، بل ليمنحوك خطة للتعامل معه وتجاوزه. حتى وإن بدا الطريق طويلًا في البداية، كل إجابة صحيحة تقرّبك من راحة البال.