تشخيص القولون المجهري

قد يزور المريض الطبيب بسبب إسهال مزمن، ويُجري تحليلًا للبراز، ثم منظارًا للقولون… لكن النتيجة؟ “كل شيء طبيعي”. وهنا تبدأ الحيرة: إذا كان كل شيء طبيعيًا، فلماذا يستمر الإسهال؟ ولماذا أشعر بعدم الراحة؟ في هذه الحالات، قد يكون السبب هو القولون المجهري، مرض لا يُرى بالعين المجردة، ويحتاج إلى دقّة في التشخيص. في هذا المقال، سنشرح كيف يتم تشخيص القولون المجهري خطوة بخطوة، وما الفحوص المطلوبة، ولماذا قد يتأخر التشخيص رغم وضوح الأعراض.

لماذا يُسمّى “مجهريًا”؟

لأن مظهر القولون في المنظار يبدو طبيعيًا تمامًا، دون تقرّحات أو التهابات ظاهرة، ولهذا السبب غالبًا لا يُكتشف إلا عند أخذ عينات صغيرة (خزعات) من جدار القولون وفحصها تحت المجهر.

🔬 الخلل موجود على مستوى الخلايا، وليس في البنية الظاهرة للعين.

أول خطوة: الاستماع إلى القصة المرضية

قبل أي فحص، يعتمد الطبيب على:

  • وصف المريض لأعراضه (خاصة الإسهال المائي المزمن).
  • مدّة الأعراض (أكثر من 4 أسابيع).
  • استبعاد الأسباب الأخرى مثل العدوى أو القولون العصبي.
  • معرفة الأدوية المستخدمة (بعض الأدوية قد ترتبط بالقولون المجهري).

ثانيًا: تحاليل الدم والبراز

1. تحليل الدم

للكشف عن:

  • فقر الدم أو علامات الالتهاب.
  • فقدان البروتين أو العناصر الغذائية (إذا كان المرض مزمنًا جدًا).

2. تحليل البراز

يُستخدم لاستبعاد:

  • العدوى البكتيرية أو الطفيلية.
  • وجود دم خفي (نادراً ما يظهر في القولون المجهري).

💬 لكن هذه الفحوصات وحدها لا تكفي لتشخيص القولون المجهري.

ثالثًا: منظار القولون (Colonoscopy)

هذا هو الفحص الأساسي.

  • يُستخدم لاستكشاف القولون بأكمله.
  • في حالة القولون المجهري، يظهر القولون طبيعيًا تمامًا.

وهنا تأتي الخطوة الأهم:

🔍 أخذ خزعات دقيقة من أماكن متعددة في القولون

حتى لو بدا المنظار طبيعيًا!

رابعًا: الفحص النسيجي (Histopathology)

بعد أخذ الخزعات، تُفحص تحت المجهر من قِبل اختصاصي الأمراض.

يبحث الطبيب عن تغيّرات دقيقة، مثل:

  • في التهاب القولون اللمفاوي: زيادة عدد الخلايا اللمفاوية في البطانة.
  • في التهاب القولون الكولاجيني: وجود طبقة سميكة من الكولاجين تحت الغشاء المخاطي.

✅ هذا الفحص هو ما يؤكد تشخيص القولون المجهري، ولا يمكن الاكتفاء بالمنظار فقط.

لماذا قد يتأخر التشخيص؟

  • لأن المنظار يبدو طبيعيًا، ولا تؤخذ خزعات أحيانًا.
  • لأن الأعراض تشبه حالات شائعة أخرى مثل “القولون العصبي”.
  • لأن المرض لا يُعرف على نطاق واسع بين بعض الأطباء غير المختصين بالجهاز الهضمي.

التشخيص الدقيق يتطلب خبرة، ووعيًا من الطبيب والمريض معًا.

هل يمكن أن يُشخّص عبر الأشعة أو التصوير؟

  • القولون المجهري لا يظهر في:
  • الأشعة المقطعية (CT)
  • الرنين المغناطيسي (MRI)
  • الأشعة السينية (X-ray)

لأنه ببساطة لا يُحدث تغيرًا واضحًا في شكل القولون، بل فقط في خلاياه الداخلية.

دور المريض في التشخيص

  • التمسّك بطلب رأي طبي متخصص (طبيب جهاز هضمي).
  • الإصرار على إجراء منظار قولون مع أخذ خزعات في حالة الإسهال المزمن غير المفسَّر.
  • تدوين الأعراض ومدتها بدقة.

كلمة طمأنينة في الختام

تشخيص القولون المجهري قد يكون دقيقًا، لكنّه ليس معقدًا أو مخيفًا. بمجرد أخذ خزعات وتحليلها بشكل صحيح، تظهر الحقيقة، ويتجه المريض فورًا إلى العلاج المناسب. تذكّر: التشخيص الدقيق هو مفتاح الشفاء الحقيقي. لا تتردد في طلب الفحوص اللازمة، وكن صبورًا… فالوصول إلى التشخيص الصحيح هو بداية الراحة.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *